شباب تعاون زراعى | المعهد العالى للتعاون الزراعى
صلاح حليمة يكتب: مصر بين «العروبة» و«الأفرقة» Hiac10



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شباب تعاون زراعى | المعهد العالى للتعاون الزراعى
صلاح حليمة يكتب: مصر بين «العروبة» و«الأفرقة» Hiac10

شباب تعاون زراعى | المعهد العالى للتعاون الزراعى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صلاح حليمة يكتب: مصر بين «العروبة» و«الأفرقة»

اذهب الى الأسفل

اخبار صلاح حليمة يكتب: مصر بين «العروبة» و«الأفرقة»

مُساهمة من طرف محمد سلامه الإثنين 08 أغسطس 2011, 23:14

هذا المقال يطرح رؤية لاستراتيجية جديدة لسياسة مصر الخارجية فى قطاعيها العربى والأفريقى، وهى بالطبع كأى رؤية قابلة للنقاش الجاد، والحوار الإيجابى، والتعديل البناء.

وقد يتصور البعض أنه من المبكر طرح مثل هذه الرؤية، وأنه من السابق لأوانه الانخراط فى مناقشات ومداولات حول استراتيجية جديدة لسياسة مصر الخارجية فى قطاعيها العربى والأفريقى، فى وقت لم تزل فيه الأوضاع الداخلية تفتقر إلى الأمن والأمان، وتبتعد عن الهدوء والاستقرار، ارتباطا بأن الثورة المصرية لم تزل فى المهد وتواجه تحديات وعقبات.

واقع الأمر أن الثورة بطبيعتها فى هذه المرحلة تحتاج إلى رؤى جديدة، وأفكار مستحدثة، وأساليب مبتكرة، وعقول مستنيرة، بما يتسق وكونها ثورة، وإثراء لبرامج وتوجهات القوى والأحزاب السياسية والمنظمات المجتمعية، وتنويراً أيضا للقيادات السياسية، ولكبار المسؤولين وتبصيرهم بالرؤى التى تجسد آمال الشعب وتطلعاته، ومصالحه الوطنية والقومية، وهى أمور فى مجملها يضغط عامل الوقت عليها وبشدة، وليس العكس، هذا فضلا عن وجوب طرح هذه الرؤى فى تواكب مع ما تشهده الساحة الداخلية من حراك سياسى متنام ومتعاظم، على النحو الذى يجسد ويعكس ذلك الحراك، مع تحميل مراكز الأبحاث والمعاهد والجمعيات العلمية والأكاديمية مسؤولية الاضطلاع بدور رئيسى فى هذا الصدد.

تضم الأعمدة الرئيسية للسياسة الخارجية لأى دولة، بصفة رئيسية ثوابت الجغرافية، ووقائع التاريخ، والتراث الثقافى المتراكم بأبعاده المحلية والإقليمية، والمصالح الاقتصادية، ومقتضيات الأمن القومى ومتطلباته، وتسهم هذه الأعمدة، جزئياً، فى بلورة تطلعات الشعب وآماله المستقبلية وتوجهاته السياسية، وكلها تجىء، فى الوقت نفسه، فى إطار من العلاقات الدولية على مستوييها الثنائى والمتعدد، والتى تحكمهما المواثيق والمعاهدات الدولية، والانتماء إلى منظمات إقليمية ودولية، ونفوذ ومصالح قوى دولية، على نحو تتقاطع فيه كلاهما معا- الأعمدة الرئيسية والعلاقات الدولية- بما قد يفرزه هذا التقاطع من تداعيات إيجابية أو سلبية يتعين التعامل معها.

من الثابت والمعروف صحة وسلامة مقولة إن السياسة مصالح وليست مبادئ، وإن الثانية يتم استثمارها كستار لخدمة الأولى، لذا، فإننا باستقراء بسيط لما طرأ على العلاقات الدولية من تغير فى الفترة الأخيرة بصدد بعض المبادىء، يمكن رصد، على سبيل المثال لا الحصر، توارى مبدأ حق مقاومة الشعوب للاحتلال، فى مقابل تعاظم دعاوى «مبدأ» مكافحة الإرهاب، وإقران ذلك باتهام- عن غير حق- لحركات المقاومات بالإرهاب. أيضا، يمكن رصد تراجع مبدأ حق سيادة الدولة على أراضيها وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية أمام مبدأ احترام حقوق الإنسان وحماية المدنيين، وفى جميع الحالات، كانت المصالح الغربية وراء هذا الانقلاب السياسى على عدد من المبادئ لصالح مبادئ أخرى، وللأسف، انزلقت مصر فى هذا المستنقع، خاصة فيما يتعلق بقضايا المقاومة فى مواجهة الادعاءات الغربية بإلصاق تهمة الإرهاب بها أى بالمقاومة، والتمشى مع السياسات الأمريكية بصدد القضية الفلسطينية بالتخويف من مخاطر التوجهات الإسلامية لدول أو لحركات مقاومة.

لقد انحرفت سياسة مصر الخارجية عن استراتيجيتها الأصلية المرتبطة بالدوائر الثلاث العربية والأفريقية والإسلامية، والتى عرفت ازدهاراً وشموخا فى عهد الرئيس عبدالناصر، ثم شهدت اضمحلالا فى عهد الرئيس السادات، ووصلت إلى مستوى الانحدار والتردى فى عهد الرئيس السابق مبارك.

لقد اتجهت مصر شمالا، صوب الدول الغربية «المتوسطية، نسبة إلى البحر المتوسط فى ارتباط بالاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة»، وشرقا صوب دول الخليج، وأهملت التوجه نحو الغرب بمفهوم موقعها الجغرافى حيث دول الشمال الأفريقى «العربية»، ونحو الجنوب بمفهوم موقعها الجغرافى مرة أخرى، حيث الدول الأفريقية «سواء العربية- الأفريقية، أو الأفريقية»، وكانت محصلة هذه التوجهات ضعف دور مصر وانحدار مكانتها الإقليمية والدولية، وتعرضها لضغوط غربية وعربية. وظهرت تجمعات فى المنطقة غابت مصر أو تغيبت عنها، وبدأ كل منها يلعب أدواراً محورية فى قضايا ومشاكل تمس صميم المصالح المصرية، واتخذت العلاقة بين مصر وكل منها فى الأغلب الأعم منحى سياسياً ضاغطاً من جانب الثانية على الأولى، فهناك دول مجلس التعاون الخليجى ونفوذه المتعاظم على المستويين الثنائى والمتعدد بإمكانياته وموارده المالية، بل إنه عندما تحدث مؤخراً عن انضمام أعضاء جدد انتقى دولا ذات نظم ملكية، وبغلبة المذاهب السنية بداخل كل منها، لاعتبارات تتعلق بأمنه واستقراره، وهناك الاتحاد المغاربى، وإن كانت الخلافات بين عضويه الجزائر والمغرب، وطبيعة نظام القذافى وتوجهاته المتقلبة وغير المتوقعة، قد أصابه- أى الاتحاد المغاربى- بالوهن ولو إلى حين، وهناك أيضا منظمة «الإيقاد» التى تمسك بقوة وبإحكام بملفى السودانيين، وهما بالأمس الشمال والجنوب، واليوم دولتا جمهورية السودان وجمهورية جنوب السودان، وكلتاهما فى الحالتين العمق الاستراتيجى لمصر، وتمسك «الإيقاد» وبنفس القوة والإحكام أيضا بملف الصومال التى تقع على حدود نطاق الأمن القومى المصرى فى اتجاه محوره الجنوبى، هذا وتنتهى نتائج تحركات «الإيقاد» بصدد كل من الملفين- بغض النظر عن حقيقة النوايا- فى اتجاهات غير مواتية للمصالح المصرية.

فى التقدير، وعلى ضوء ما تقدم وفى إطاره، فان سياسة مصر الخارجية تستوجب المراجعة وإعادة النظر فى جميع جوانبها، وأن تتولى وزارة الخارجية- وهى المعنية أساساً بالشؤون الخارجية- تخطيط وتنفيذ السياسة الخارجية، وألا يسلب منها اختصاصها الأصيل تحت أى دعاوى، إذ إن ما حدث من انحراف وتدهور لم تكن هى السبب فيه، وما شهدته من تخبط لم تكن مسؤولة عنه، على أن يصبح دور الجهات الأخرى التى كانت قد اختطفت هذا الاختصاص- معاوناً واستشارياً، فى إطار من التنسيق وتبادل الرأى والتقدير والتقييم، بما يحقق المصالح الوطنية والقومية.

أما الرؤية المقترحة، فيه- وإن كانت تدور فى إطار الدوائر الثلاث المعروفة العربية والأفريقية والإسلامية- وهى المجال الحيوى لمصر، إلا أنها لا تعنى إهمال الدوائر الأخرى، وإنما تضعها فى الاعتبار فى أطر جديدة دون أن تحتل أولوية فى توجهات سياستنا الخارجية على حساب الدوائر الأصيلة.

ونقطة البداية أن انعزال مصر عن محيطيها العربى والأفريقى يجب وضع نهاية له، وهو أمر يتأتى، سواء بالانضمام إلى تجمعات قائمة أو استحداث تجمعات جديدة أو كلاهما معا، وذلك فى إطار الأعمدة الرئيسية والعلاقات الدولية المشار إليهما، وفى اتساق من التعاون فيما بين التجمعات القائمة والمستحدثة، على النحو الذى يجسد الشراكة الاستراتيجية بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقى، التى جاءت بها القمة العربية الأفريقية فى (سرت- ليبيا) فى العام الماضى.

والرأى عندى، أن السبيل إلى ذلك، هو أن تبادر مصر- بجانب مواصلة التوجه نحو توثيق علاقاتها على المستوى الثنائى عربيا وأفريقيا، وإمكانية النظر فى الانضمام إلى تجمعات إقليمية قائمة، لتحقق توازنا مفقوداً فى علاقتها مع التجمعات الثلاثة- أن تبادر بطرح صيغة لتجمع «عربى أفريقى» تتقاطع بموجبه الدائرتان العربية والأفريقية فى إطار علاقة عضوية لا انفصام فيها.

يتأسس سياسياً- وبغض النظر عما قد يكون من تباين فى النظام السياسى القائم فى كل منها- على المصالح المشتركة والأمن المتبادل وعلاقات حسن الجوار، والتعايش السلمى، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية.

ويتأسس اقتصاديا، على تكامل اقتصادى بين الدول الأعضاء، متخذاً من المزايا النسبية لكل دول سببا ومعياراً لتخصص كل منها فى منتجات- سلعاً وخدمات- محددة، وتكون الدول الأخرى سوقا لها، وهو ما يستوجب توفير بنية تحتية تربط بين دول هذا التجمع، وبرامج ضخمة للتنمية والتطوير، وحرية انتقال عوامل الإنتاج.

إن التجمع المنشود ليس سياسى الأهداف، بقدر ما هو اقتصادى المراد بالدرجة الأولى، لكنه فى الواقع سيخلص إلى أهداف سياسية نبيلة لأبناء دوله الأعضاء، كما أنه ليس بمحور تنافسى مع تجمعات أخرى فى محيطه وعلى مقربة منه، وإنما ذو طبيعة تعاونية بل تكاملية- إن شئنا الدقة- باعتباره «نواة» لتجمع «عربى أفريقى أشمل وأوسع»، على امتداد العالم العربى والقارة الأفريقية، ولو فى المستقبل غير المنظور.

ولعل ما يجسد تلك الرؤية كنواة، تجمع يضم كلاً من مصر وليبيا وجمهورية السودان وجمهورية السودان الجنوبية وإثيوبيا، وهو تجمع ذاخر بموارد بشرية وطبيعية متنوعة جاذبة للاستثمار الخارجى، فضلا عن إمكاناته الرأسمالية الاستثمارية الذاتية، وقدراته التكنولوجية المحلية، ومنافذه البحرية العديدة، وسوقه الضخمة ذات القوة الشرائية الكبيرة، وامتداده الجغرافى المتصل، فضلا عن تواجد عربى بدول أعضاء بالتجمع يمكن بتناميه وتعظيمه، كأحد مكونات هوية تلك الدول، أن يضطلع بدور إيجابى وبناء فى دفع عمليات التنمية وإعادة البناء والإعمار، وبما يبدد التفرقة بين العرب والأفارقة والتى كانت، وربما لم تزل، خلف العديد من القضايا الساخنة، التى سيكون من الأيسر التوصل الى حلول بشأنها ولغيرها فى إطار أشمل وأوسع للمصالح المشتركة التى تجتمع عليها.

إن المكون العربى فى هوية بعض الدول يجب أن يحظى بالاهتمام، من حيث التنامى والتعاظم فى اتجاهاته الإيجابية البناءة عبر مؤسسات تجمع بين «نشر اللغة العربية والإسهام بجهود تنموية وخدمية» لشعوب تلك الدول مثل- بجانب الاستثمارات العربية- إنشاء مراكز لبناء القدرات فى مجالات عديدة، خاصة فى مجالات الصحة والتعليم على مستوياته المختلفة، من بينها، على سبيل المثال لا الحصر، مراكز للتمريض وللتدريب المهنى ومدارس وجامعات تعليمية، ومراكز الأبحاث العلمية فى مجالات مختلفة، وهى أمور فى مجملها تعزز التناغم والاتساق بين مكونات النسيج الاجتماعى، وتجعل من تعدد وتنوع الهيكل الاجتماعى لشعوب تلك الدول فرصة للوئام والتعايش السلمى وإجهاضاً لأى محاولات للخلاف والصدام والفرقة فما بينها.

من المؤكد أن هناك تحديات وعقبات أمام الأخذ بتلك الرؤية، لكن ليس أبلغ من الرد على أى منها سوى ما يحدثنا به التاريخ عن أن كثيراً من مثل تلك الرؤى وغيرها كانت بمثابة أضغاث أحلام، وأضحت واقعا قائما.

*مبعوث جامعة الدول العربية لدى السودان
محمد سلامه
محمد سلامه
قبطان المنتدى

. :::::[بيانات العضو]:::: : .

ذكر
الفرقه : خريج
شعبة : التسويق الدولى
عدد المساهمات : 3137
منين : المعادى , القاهره
العمل/الترفيه : مهندس زراعي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى