صباح فلسطين
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
صباح فلسطين
صــبــاح فـلسطـيــن
تشرِقُ الأَرضُ في هَذا اليَومِ ، كَعادَتِـها كُل يَومٍ ، إِشراقًا تنالُ الشمسُ مِنهُ شيئًا يَسيرًا فتسطَعُ مُضيئَةً بقِيَّةَ بِقاعِ الدنيا .. لا نَكادُ نُصدِّقُ ما يَـحدثُ هنا لَكِنَّ العجيبَ أَنَّنَا نَراهُ دائِمًا و الأعجَب أَنَّنا نَتآلفُ مَعَهُ .. كانَ يَومًا عادِيًّا ، أَعني أنَّه عادِيٌّ في اِستِثنائِيَّةِ ما يَقَعُ فيه ، تَطَأُ الأرضَ قدَمان في نعلٍ مَطاطي أصفَرَ اللونِ ترفعانِ جَسَدًا مُـمتلئا بعض الشيء يعلوه رأس كثير الالتفات ، الـجلباب الأسود الـمزركش يتجرجر على التراب كأنه يشد صاحبته إلى الأرض أكثر ، تـمسك في يدها كيسا ثقيلا ما كان أثقل من همٍّ انفجر فجأة عندما لاحت لعينيها الـمتيقظتين أشباح ترتدي ثيابا ترابية اللون تلتمع خوذهم تـحت ضوء الشمس الـحائرة ألـمـا كيف يتساوى البشر في الـحصول على نورها .. يغلقون الطريق بـحواجز إسـمــنتية . لعنتهم من قلبها الساذج ذي خفقات الرعب الـمشوب بالقهر و الـحذر .. انعطفت نـحو مسلك ترابـي حجري ضيق تـحاشيا لـملاقاة تلك الوجوه الكريهة و فظاظتها .. احتاجت أن تصعد هضبتين و تنزل واديا .. احتاجت أن تستعين بطفل مارٍّ أمامَها عند نزولـها من منحدر حاد .. لـم تفعل أكثر مـما كان يفعل عشرات من الـمشاة مثلها ، وحدها خفة الـحركات كانت تـختلف بـحسب السن و الـمرض و الأثقال فيحتاج .. لاح لـها حقلها من بعيد تقاوم أشجاره العنيدة مثلها الـموت و أعوانه .. لـم تكن الأحذية الثقيلة وحدها تـحاول الفتك بـها .. كان جيرانـها و أقاربـها أيضا يفتكون منها دورات الري .. حاولت إقناعهم كثيرا بالعدل في توزيع الـماء .. يعدونـها بالـموافقة لكنهم يـماطلون و يسرقون و يـحتالون .. لا تزال تذكر بألـم يوم شج ابنها رأس أحد جيرانـها فاختلط الدم بالـماء في مزيج بغيض .. شديد القسوة أن تـحتاج إلى إسالة الدم حتى تـحصل على الـماء و الأشد قسوة أن ماء لا يسيل إلا متى نزفت دماء كثيرة .. كثيرة أكثر مـما يعتقد الناس أنـهم قادرون على التحمل و الدفع .. لاح لـها شبح جارها صفوان و هو يصلي ، إنه كثير الصلاة و لكنه كثير إنكار حقها أيضا .. قالت في نفسها : ما نفع صلاتك إذا كنت تظلم متعمدا أرملة عجوزا مثلي ؟ اقتربت من الـحقل ، كانت زوجة ابنها منهمكة في صراع مع أحد أجداء الـماعز كي تستطيع حلب أمه .. و ابنها الصغير غير بعيد عنها يلهو بوعاء بلاستيكي فارغ .. استقبلتها الـمرأة : أهلا خالتي صباح .. قبلتها و عيناها تبحثان خلفها : أينَ ذَهَبَ زوجُك؟ .. أجابتها و هي تنتزع الـجدي عن ثدي أمه : قصد المدينة لإحضار اللوازم الـمدرسية لياسين .. جلست العجوز و قالت : ليته لـم يفعل فالأوغاد يغلقون الطرق .. ثـم أضافت و هي تستخرج من الكيس قطعة خبز تقدمها إلى الصبي الذي وقف إلى جوارها : نـحمد الله أن الـهواء يـمر إلينا دون الـحاجة إلى إذنـهم .. و تـمتمت داعية بعودة ابنها سالـما : لو يدرك الأبناء كم تـخفق القلوب الرواهف خوفا .. تأخر الابن في العودة حقا .. ليزداد وجيب قلب الأم ، ترتفع ضرباته تنهك صدرا تعاورته الـمصائب .. تنتقل عدوى الـهلع إلى الزوجة .. طالت الأوقات و عبثت الساعة ببرود عجيب بأعصاب السيدتين ..و لكن رحـمة بـهما أَهلَّ الابن من بعيد في أول الطريق بـحماسه الـمعتاد يـحمل كيسا بيمينه و مـحفظة بشماله رأى السيدتين و لعله أدرك ما هـما فيه من الفزع فرفع يده بالـمحفظة و صاح : ها قد عدتُ .. تنفستا بعمق و نظرتا إلى بعضهما بفرح حقيقي كأنـهما خجلتان من مشاعر تدفقت دون موجب .. اقترب الأب فأسرع إليه صغيره ياسين يستقبله .. هذا هو ما يقع عادة في هذه الأرض : ارتفع صوت مـميز قصير جدا فسقط ولد صغير يـمسك بيمينه مـحفظة .. ارتفعت ضجة أصوات لا تكاد تتبين فيها إلا عويلا أو زغرودة مـجروحة .. خَجِلَت الشمسُ مِـمـا يَقَعُ تَـحتَ ضَوئِها فَأسرَعَت بِارتِباكٍ تُلَملِمُ أَشِعَّتَها و تَتَوارى خَلفَ جَبَلٍ ، جَبَلٍ مُرتَفِعٍ لَكِنَّهُ لَـم يَكُن أَكثَرَ شُـموخًا مِن قامَةِ اِمرَأَةٍ واقِفَةٍ عِندَ جُثمانِ صَبَيٍّ صَغيرٍ يَكادُ الـحُزنُ يُوقِعُها أَرضًا لَكِنَّها لا تَقَعُ و لَن تَقَعَ أبدًا لأنَّ الغَضَبَ يَرفَعُ لَـها هامَةً أَعلى بِكَثيرٍ مِن أَقزامِ الـمَوتِ ..
صباح فلسطين قصة لفيصل الزوايدي ( تونس)
تحياتى له
منقول
:oops:
تشرِقُ الأَرضُ في هَذا اليَومِ ، كَعادَتِـها كُل يَومٍ ، إِشراقًا تنالُ الشمسُ مِنهُ شيئًا يَسيرًا فتسطَعُ مُضيئَةً بقِيَّةَ بِقاعِ الدنيا .. لا نَكادُ نُصدِّقُ ما يَـحدثُ هنا لَكِنَّ العجيبَ أَنَّنَا نَراهُ دائِمًا و الأعجَب أَنَّنا نَتآلفُ مَعَهُ .. كانَ يَومًا عادِيًّا ، أَعني أنَّه عادِيٌّ في اِستِثنائِيَّةِ ما يَقَعُ فيه ، تَطَأُ الأرضَ قدَمان في نعلٍ مَطاطي أصفَرَ اللونِ ترفعانِ جَسَدًا مُـمتلئا بعض الشيء يعلوه رأس كثير الالتفات ، الـجلباب الأسود الـمزركش يتجرجر على التراب كأنه يشد صاحبته إلى الأرض أكثر ، تـمسك في يدها كيسا ثقيلا ما كان أثقل من همٍّ انفجر فجأة عندما لاحت لعينيها الـمتيقظتين أشباح ترتدي ثيابا ترابية اللون تلتمع خوذهم تـحت ضوء الشمس الـحائرة ألـمـا كيف يتساوى البشر في الـحصول على نورها .. يغلقون الطريق بـحواجز إسـمــنتية . لعنتهم من قلبها الساذج ذي خفقات الرعب الـمشوب بالقهر و الـحذر .. انعطفت نـحو مسلك ترابـي حجري ضيق تـحاشيا لـملاقاة تلك الوجوه الكريهة و فظاظتها .. احتاجت أن تصعد هضبتين و تنزل واديا .. احتاجت أن تستعين بطفل مارٍّ أمامَها عند نزولـها من منحدر حاد .. لـم تفعل أكثر مـما كان يفعل عشرات من الـمشاة مثلها ، وحدها خفة الـحركات كانت تـختلف بـحسب السن و الـمرض و الأثقال فيحتاج .. لاح لـها حقلها من بعيد تقاوم أشجاره العنيدة مثلها الـموت و أعوانه .. لـم تكن الأحذية الثقيلة وحدها تـحاول الفتك بـها .. كان جيرانـها و أقاربـها أيضا يفتكون منها دورات الري .. حاولت إقناعهم كثيرا بالعدل في توزيع الـماء .. يعدونـها بالـموافقة لكنهم يـماطلون و يسرقون و يـحتالون .. لا تزال تذكر بألـم يوم شج ابنها رأس أحد جيرانـها فاختلط الدم بالـماء في مزيج بغيض .. شديد القسوة أن تـحتاج إلى إسالة الدم حتى تـحصل على الـماء و الأشد قسوة أن ماء لا يسيل إلا متى نزفت دماء كثيرة .. كثيرة أكثر مـما يعتقد الناس أنـهم قادرون على التحمل و الدفع .. لاح لـها شبح جارها صفوان و هو يصلي ، إنه كثير الصلاة و لكنه كثير إنكار حقها أيضا .. قالت في نفسها : ما نفع صلاتك إذا كنت تظلم متعمدا أرملة عجوزا مثلي ؟ اقتربت من الـحقل ، كانت زوجة ابنها منهمكة في صراع مع أحد أجداء الـماعز كي تستطيع حلب أمه .. و ابنها الصغير غير بعيد عنها يلهو بوعاء بلاستيكي فارغ .. استقبلتها الـمرأة : أهلا خالتي صباح .. قبلتها و عيناها تبحثان خلفها : أينَ ذَهَبَ زوجُك؟ .. أجابتها و هي تنتزع الـجدي عن ثدي أمه : قصد المدينة لإحضار اللوازم الـمدرسية لياسين .. جلست العجوز و قالت : ليته لـم يفعل فالأوغاد يغلقون الطرق .. ثـم أضافت و هي تستخرج من الكيس قطعة خبز تقدمها إلى الصبي الذي وقف إلى جوارها : نـحمد الله أن الـهواء يـمر إلينا دون الـحاجة إلى إذنـهم .. و تـمتمت داعية بعودة ابنها سالـما : لو يدرك الأبناء كم تـخفق القلوب الرواهف خوفا .. تأخر الابن في العودة حقا .. ليزداد وجيب قلب الأم ، ترتفع ضرباته تنهك صدرا تعاورته الـمصائب .. تنتقل عدوى الـهلع إلى الزوجة .. طالت الأوقات و عبثت الساعة ببرود عجيب بأعصاب السيدتين ..و لكن رحـمة بـهما أَهلَّ الابن من بعيد في أول الطريق بـحماسه الـمعتاد يـحمل كيسا بيمينه و مـحفظة بشماله رأى السيدتين و لعله أدرك ما هـما فيه من الفزع فرفع يده بالـمحفظة و صاح : ها قد عدتُ .. تنفستا بعمق و نظرتا إلى بعضهما بفرح حقيقي كأنـهما خجلتان من مشاعر تدفقت دون موجب .. اقترب الأب فأسرع إليه صغيره ياسين يستقبله .. هذا هو ما يقع عادة في هذه الأرض : ارتفع صوت مـميز قصير جدا فسقط ولد صغير يـمسك بيمينه مـحفظة .. ارتفعت ضجة أصوات لا تكاد تتبين فيها إلا عويلا أو زغرودة مـجروحة .. خَجِلَت الشمسُ مِـمـا يَقَعُ تَـحتَ ضَوئِها فَأسرَعَت بِارتِباكٍ تُلَملِمُ أَشِعَّتَها و تَتَوارى خَلفَ جَبَلٍ ، جَبَلٍ مُرتَفِعٍ لَكِنَّهُ لَـم يَكُن أَكثَرَ شُـموخًا مِن قامَةِ اِمرَأَةٍ واقِفَةٍ عِندَ جُثمانِ صَبَيٍّ صَغيرٍ يَكادُ الـحُزنُ يُوقِعُها أَرضًا لَكِنَّها لا تَقَعُ و لَن تَقَعَ أبدًا لأنَّ الغَضَبَ يَرفَعُ لَـها هامَةً أَعلى بِكَثيرٍ مِن أَقزامِ الـمَوتِ ..
صباح فلسطين قصة لفيصل الزوايدي ( تونس)
تحياتى له
منقول
:oops:
محمد سلامه- قبطان المنتدى
- . :::::[بيانات العضو]:::: : .
الفرقه : خريج
شعبة : التسويق الدولى
عدد المساهمات : 3137
منين : المعادى , القاهره
العمل/الترفيه : مهندس زراعي
رد: صباح فلسطين
تحيااااااااتى ليك ياسمكااااوى
rama- عضو ذهبى
- . :::::[بيانات العضو]:::: : .
الفرقه : خريج
شعبة : التسويق الدولى
عدد المساهمات : 854
منين : in the heart of mylove
العمل/الترفيه : I love listening to music
الهوايه : romans
رد: صباح فلسطين
صباحك زىالفل يا سمكاوى تسلملى ايدك على المجهود الجميل ده MOHAMED ROCK
MOHAMED ROCK- عضو فضى
- . :::::[بيانات العضو]:::: : .
الفرقه : الرابعة
شعبة : تربوى
عدد المساهمات : 640
منين : hiac.yoo7.com
العمل/الترفيه : ??????????
الهوايه : حسب اليوم
رد: صباح فلسطين
rama كتب:تحيااااااااتى ليك ياسمكااااوى
تسلمى يا روماااااا
نووورتى الموضوع
MOHAMED ROCK كتب:صباحك زىالفل يا سمكاوى تسلملى ايدك على المجهود الجميل ده MOHAMED ROCK
صباح خفيف لطيف ونهاروو ابيض يا رووك
نووورت الموضوع
محمد سلامه- قبطان المنتدى
- . :::::[بيانات العضو]:::: : .
الفرقه : خريج
شعبة : التسويق الدولى
عدد المساهمات : 3137
منين : المعادى , القاهره
العمل/الترفيه : مهندس زراعي
رد: صباح فلسطين
نهاره ابيض عليك على طوال يا قبطانMOHAMED ROCK
MOHAMED ROCK- عضو فضى
- . :::::[بيانات العضو]:::: : .
الفرقه : الرابعة
شعبة : تربوى
عدد المساهمات : 640
منين : hiac.yoo7.com
العمل/الترفيه : ??????????
الهوايه : حسب اليوم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 17 مايو 2016, 11:14 من طرف ebrahim_sadek
» معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة المدينة العالمية
الإثنين 20 يوليو 2015, 16:44 من طرف أبو أنس الحضرمي
» مركز اللغات بجامعة المدينة العالمية
الإثنين 20 يوليو 2015, 16:43 من طرف أبو أنس الحضرمي
» وكالة البحوث والتطوير بجامعة المدينة العالمية
الإثنين 20 يوليو 2015, 16:41 من طرف أبو أنس الحضرمي
» مجمع مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة بجامعة المدينة العالمية
الإثنين 20 يوليو 2015, 16:40 من طرف أبو أنس الحضرمي
» كلية العلوم المالية والإدارية بجامعة المدينة العالمية
الإثنين 20 يوليو 2015, 16:39 من طرف أبو أنس الحضرمي
» كلية العلوم الإسلامية بجامعة المدينة العالمية
الإثنين 20 يوليو 2015, 16:37 من طرف أبو أنس الحضرمي
» جامعة المدينة العالمية [MEDIU] ماليزيا
الإثنين 20 يوليو 2015, 16:36 من طرف أبو أنس الحضرمي
» المكتبة الرقمية بجامعة المدينة العالمية
الإثنين 20 يوليو 2015, 16:34 من طرف أبو أنس الحضرمي
» عمادة الدراسات العليا بجامعة المدينة العالمية
الإثنين 20 يوليو 2015, 16:32 من طرف أبو أنس الحضرمي